کد مطلب:145574 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:155

خطبة الامام الحسین أمام عسکر ابن سعد
و تقدم الحسین علیه السلام حتی وقف بازاء القوم، فجعل ینظر الی صفوفهم كأنهم السیل، و نظر الی ابن سعد لعنه الله واقفا فی صنادید الكوفة [1] .

قال المفید رحمه الله: فنادی بأعلی صوته: یا أهل العراق! - و جلهم یسمعون - فقال:

أیها الناس! اسمعوا قولی و لا تعجلوا حتی أعظكم بما یحق لكم علی و حتی أعذر علیكم، فان أطیتمونی النصف، كنتم بذلك أسعد، و ان لم تعطونی النصف من أنفسكم، فأجمعوا آرائكم [2] ثم لا یكن أمركم علیكم غمة ثم اقضوا الی و لا تنظرون (ان ولیی الله الذی نزل الكتاب و هو یتولی الصالحین) [3] .

ثم حمد الله و أثنی علیه و ذكر الله بما هو أهله، و صلی علی النبی صلی الله علیه و آله و سلم و علی ملائكة الله و علی أنبیائه، فلم یسمع متكلم قط قبله و لا بعده أبلغ فی منطق منه [4] .



له من علی علیه السلام فی الحروب شجاعة

و من أحمد صلی الله علیه و آله و سلم عند الخطابة قیل



قال: ثم قال:

أما بعد؛ فأنسبونی فانظرونی من أنا؟ ثم راجعوا [5] الی أنفسكم و عاتبوها،


فانظروا اهل یصلح لكم قتلی و انتهاك حرمتی؟ ألست ابن بنت نبیكم؟ و ابن وصیه؟ و ابن عمه؟ و أول مؤمن مصدق لرسول الله صلی الله علیه و آله و سلم بما جآء به من عند ربه؟

أو لیس حمزة سید الشهداء عمی؟

أو لیس جعفر الطیار فی الجنة بجنا حین عمی؟

أو لم یبلغكم ما قال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم لی و لأخی: هذان سیدا شباب أهل الجنة؟

فان صدقتمونی بما أقول و هو الحق، والله؛ ما تعمدت كذبا منذ علمت أن الله یمقت علیه أهله، و ان كذبتمونی فان فیكم من ان سألتموه عن ذلك أخبركم.

اسألوا [6] جابر بن عبدالله الأنصاری، و أباسعید الخدری، و سهل بن سعد الساعدی، و زید بن أرقم، و أنس بن مالك یخبروكم أنهم سمعوا هذه المقالة من رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم لی و لأخی، أما فی هذا حاجز لكم عن سفك دمی؟

فقال له الشمر بن ذی الجوشن لعنه الله: هو یعبد الله علی حرف ان كان یدری ما تقول.

فقال له حبیب بن مظاهر: والله؛ انی لأراك تعبد الله علی سبعین حرفا، و أنا أشهد أنك صادق ما تدری ما تقول: قد طبع الله علی قلبك.

ثم قال لهم الحسین علیه السلام:

فان كنتم فی شك من هذا أفتشكون أنی ابن بنت نبیكم؟ فوالله؛ ما بین المشرق و المغرب ابن بنت نبی غیری فیكم و لا فی غیركم.


و یحكم! أتطلبونی بقتیل منكم فقتلته؟ أو مال لكم استهلكته؟ أو بقصاص من جراحة؟

فأخذوا لا یكلمونه، ثم نادی:

یا شبث بن ربعی! و یا حجار بن أبجر! و یا قیس بن الأشعث! و یا یزید بن الحارث! ألم تكتبوا الی أن قد أینعت الثمار، و اخضرت الجنات، و انما تقدم علی جند لك مجند؟

فقال له قیس بن الأشعث: ما ندری ما تقول، و لكن أنزل علی حكم بنی عمك، فانه لم یروك الا ما تحب.

فقال لهم الحسین علیه السلام:

لا والله؛ لا أعطیكم بیدی اعطاء الذلیل، و لا أفر فرار العبید [7] .

ثم نادی:

یا عباد الله! انی عذت بربی و ربكم أن ترجمون، و أعوذ بربی و ربكم من كل متكبر لا یؤمن بیوم الحساب.

ثم انه علیه السلام أناخ راحلته، و أمر عقبة بن سمعان فعقلها، و أقبلوا یزحفون نحوه [8] .

و قال أبوالفرج [یوسف بن] عبدالرحمان بن الجوزی فی «تأریخه»: قال هشام بن محمد:

لما رآهم الحسین علیه السلام مصرین علی قتله أخذ المصحف و نشره و جعله


علی رأسه و نادی:

بینی و بینكم كتاب الله و جدی محمد رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم.

یا قوم! بم تستحلون دمی؟ ألست ابن بنت نبیكم؟ ألم یبلغكم قول جدی رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم فی وفی أخی: هذان سیدا شباب أهل الجنة؟

فان لم تصدقونی فاسألوا جابرا و زید بن أرقم و أباسعید الخدری.

ألیس جعفر الطیار عمی؟

فناداه الشمر لعنه الله: الساعة ترد الهاویة.

فقال الحسین علیه السلام: الله أكبر أخبرنی جدی رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم فقال: رأیت كأن كلبا ولغ فی دماء أهل بیتی و ما اخالك الا ایاه.

فقال شمر لعنه الله: أنا أعبدالله علی حرف ان كنت أدری ما تقول [9] .

و فی «البحار»: و فی «المناقب» روی باسناده عن محمد بن سلیمان بن عبدالله بن الحسن، عن أبیه، عن جده، عن عبدالله قال:

لما عبأ عمر بن سعد لعنه الله أصحابه لمحاربة الحسین بن علی علیهماالسلام، و رتبهم مراتبهم، و أقام الرایات فی مواضعها، و عبأ أصحاب المیمنة و المیسرة، فقال لأصحاب القلب: أثبتوا.

و أحاطوا بالحسین علیه السلام من كل جانب حتی جعلوه فی مثل الحلقة.

فخرج علیه السلام حتی أتی الناس فاستنصتهم، فأبوا أن ینصتوا حتی قال لهم:

ویلكم! ما علیكم أن تنصتوا الی فتسمعوا قولی؟ و انما أدعوكم الی سبیل الرشاد، فمن أطاعنی كان من المرشدین، و من عصانی كان من المهلكین،


و كلكم عاص لأمری غیر مستمع قولی، فقد ملات بطونكم من الحرام، و طبع علی قلوبكم، ویلكم! ألا تنصتون؟ ألا تسمعون؟

فتلاوم أصحاب عمر بن سعد لعنه الله بینهم، و قالوا: أنصتوا له.

فقام الحسین علیه السلام ثم قال:

تبا لكم أیتها الجماعة! و ترحا، أفحین استصرختمونا و لهین متحیرین فأصرخناكم [10] مؤدین مستعدین، سللتم علینا سیفا فی رقابنا، و حششتم علینا نار الفتن جناها [11] عدوكم و عدونا [12] .

فأصبحتم البا علی أولیائكم، ویدا علیهم لأعدائكم، بغیر عدل أفشوه فیكم، و لا أمل أصبح لكم فیهم، الا الحرام من الدنیا أنالوكم، و خسیس عیش طعمتم فیه، من غیر حدث كان منا و لا رأی تفیل لنا.

فهلا لكم الویلات! تركتمونا و السیف مشیم [13] ، فهلا لكم الویلات! اذ كرهتمونا و تركتمونا تجهزتمونا [14] ، والسیف لم یشهر، و الجاش طامن، و الرأی لم یستحصف.

و لكن أسرعتم الینا كطیرة الذباب، و تداعیتم كتداعی الفراش، فقبحا لكم! فانما أنتم من طواغیت الأمة، و شذاذ الأحزاب، و نبذة الكتاب، و نفثة الشیطان، و عصبة الاثام، و محر فی الكتاب، و مطفی ء السنن، و قتلة أولاد


الأنبیاء، و مبیری عترة الأوصیاء، و ملحقی العهار بالنسب، و مؤذی المؤمنین، و مصرخی [15] أئمة المستهزئین، الذین جعلوا القرآن عضین.

و أنتم ابن حرب و أشیاعه تعتمدون، و ایانا تخالون، أجل، والله؛ الخذل فیكم معروف، و شجت علیه عروقكم، و توارثته أصولكم و فروعكم، و ثبتت علیه قلوبكم، و غشیت صدوركم، فكنتم أخبث ثمر شجی للناطور [16] و أكلة للغاصب.

ألا لعنة الله علی الناكثین، الذین ینقضون الأیمان بعد توكیدها، و قد جعلتم الله علیكم كفیلا، فأنتم والله؛ هم.

ألا ان الدعی بن الدعی قد ركز بین اثنتین: بین القلة و الذلة، و هیهات ما آخذ الدنیة، أبی الله ذلك و رسوله و المؤمنون [17] و جدود طابت، و حجور طهرت، و أنوف حمیة، و نفوس أبیة، لا تؤثر مصارع اللئام علی مصارع الكرام.

ألاقد أعذرت و أنذرت، ألا انی زاحف بهذه الأسرة علی قلة العتاد، و خذلة الأصحاب.

ثم أنشأ یقول:



فان نهزم فهزامون قدما

و ان نهزم فغیر مهزمینا



و ما ان طبنا جبن و لكن

منایانا و دولة آخرینا



ألا! ثم لا یلبثون بعدها الا كریث ما یركب الفرس، حتی تدور بكم دور الرحی، عهد عهده الی أبی عن جدی، فأجمعوا أمركم و شركاءكم ثم كیدونی


جمیعا فلا تنظرون، انی توكلت علی الله ربی و ربكم ما من دابة الا هو آخذ بناصیتها ان ربی علی صراط مستقیم.

اللهم احبس عنهم قطر السماء، و ابعث علیهم سنین كسنی یوسف علیه السلام، و سلط علیهم غلام ثقیف یسقیهم كأسا مصبرة، و لا یدع فیهم أحدا الا قتله، قتلة بقتلة، و ضربة بضربة، ینتقم لی و لأولیائی و أهل بیتی و أشیاعی منهم، فانهم غرونا و كذبونا و خذلونا، وأنت ربنا علیك توكلنا و الیك أنبنا و الیك المصیر.


[1] البحار: 5 / 45.

[2] في الارشاد و البحار: رأيكم.

[3] الأعراف: 196.

[4] الارشاد: 97 / 2، عنه البحار: 6 / 45.

[5] في الارشاد: ثم ارجعوا.

[6] في الارشاد: سلوا.

[7] في البحار: و لا اقر لكم اقرار العبيد.

[8] الارشاد: 2 / 97 و 98، عنه البحار: 7، 4 / 45، مع اختلاف يسير.

[9] الدمعة الساكبة: 4 / 282 و 283، البحار: 7، 6 / 45 (نحوه).

[10] في البحار: فأصرختكم.

[11] في البحار: خباها.

[12] في نسخة هكذا: اقتدحناها علي عدوكم و عدونا، «منه رحمه الله».

[13] قال العلامة المجلسي رحمه الله: يقال: شمت السيف: أغمدته، و شمته: سللته، و هو من الأضداد.

[14] في البحار: تجهزتموها.

[15] في البحار: و صراخ.

[16] في البحار: فكنتم أخبث شي ء سنخا للناصب.

[17] لم ترد في البحار: المؤمنون.